منتدى الحياة الموصلية



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدى الحياة الموصلية

منتدى الحياة الموصلية

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى الحياة الموصلية

منتدى ( ادبي - علمي - ثقافي - رياضي )


    طريقة التعلم في المدارس الدينية في كردستان في بداية القرن العشرين

    جاسم شلال
    جاسم شلال
    مشرف مساعد
    مشرف مساعد


    عدد المساهمات : 392
    نقاط : 1143
    تاريخ التسجيل : 27/09/2010
    العمر : 56

    طريقة التعلم في المدارس الدينية في كردستان في بداية القرن العشرين  Empty طريقة التعلم في المدارس الدينية في كردستان في بداية القرن العشرين

    مُساهمة من طرف جاسم شلال الأحد أبريل 03, 2011 11:43 am

    طريقة التعلم في المدارس الدينية في كردستان في بداية القرن العشرين

    لقد كان اهتمام الشعب الكردي بإنشاء المدارس كثيراً وتشجيع العلم ومساعدة العلماء والأساتذة الذين كانوا يدرسون وينشرون العلم في ربوع كردستان فكانت المدارس منتشرة في مراكز المدن وفي القرى الكبيرة والمهمة ، أمَّا القرى الصغيرة فكان يتلقى أبناؤها العلم من خلال جوامع تلك القرى أو يؤمون المدارس في القرى الكبيرة المجاورة ، وكان للعلماء احترام كبير وحظوة في النفوس وذلك لمكانتهم العلمية فضلاً عن منزلتهم الدينية التي تحتم على الجميع احترامهم وتعظيمهم ، وتختلف درجاتهم بالنسبة إلى كفاءاتهم وشهاداتهم ودرجة تحصيلهم ، فكان يتقاضى البعض منهم رواتب تصرف لهم من ريع أوقاف تلك المدارس كما يقوم بعض منهم بالتدريس مجاناً لوجه الله تعالى ابتغاء الأجر والثواب وخدمة العلم والدين وينفق على نفسه من ماله وإذا لم يكن له مال يخصص بعض وقته لغرس بستان له أو عمل آخر يؤمن معيشته ، وكان البعض منهم يعيش على الصدقات التي تؤتى إليه من القرية أو المنطقة ، له ولطلابه ويلاحظ أن المعلمين في هذه المدارس والمساجد والجوامع لم يتملكوا الأراضي الزراعية كما تملكها الكثيرون من أبناء قراهم وذلك لانشغالهم بالتدريس وطلب العلم ولم يراع آغوات ومُلّاكُ هذه القرى وضع الأستاذ ولم يهيئوا له بعض المساحات الزراعية التي يمكن أن تدرّ عليه مورداً مالياً تغنيه عن تقبل صدقات الناس وربما حتى من كان يملك أرضاً لم تسجل باسمه وذلك لكونه (ملا ) وهي مهنة ومن امتلك مهنة لا يملك الأرض .
    ولم يكن هؤلاء العلماء بدرجة واحدة من العلم فالطالب ينتقل من مدرسة إلى أخرى ليكمل تحصيله من عالم أوسع علماً ، وربما يذهب أحدهم إلى الموصل أو إلى اربيل أو زاخو أو دهوك أو السليمانية وكركوك والكوي حيث هناك عالم يستفيد منه وقد يقضي الطالب خمس عشرة سنة أو عشرين عاماً وربما أكثر بعيداً عن أهله إلى أن يُكمل تحصيله وينال الإجازة العلمية ويصبح عالماً ، وأقصى ما يستطيع الوصول إليه هو التدريس في جامع في قرية ، ويقوم بتوجيههم ويصلي بهم ويُفتي لهم ، ويعيش عيشة بسيطة أقرب إلى التقشف والزهد ، فالعالم الكردي لا يطلب لنفسه الشهرة(1) .
    وكانت مراحل التعليم في حلقات المساجد في مدارس كردستان في هذه الفترة وفي بداية القرن الماضي تنقسم إلى عدة مراحل :
    المرحلة الاولى :
    مرحلة الكتابي ( قوتابي ) : ومعناها الطالب ، وتكون في سنوات الطفولة ويدخل فيها التلميذ بعد السنة السادسة من عمره كحال المدارس الابتدائية الآن . فيقرأ الطالب في هذه المرحلة القرآن الكريم حيث يصطحب معه المصحف الشريف أو (جزء عمَّ ) مع الواح خاصة بالكتابة ، مع بعض الاقلام من القصب كي يكتب بالحروف الابجدية في درس الخط والحساب ويتعلم الحروف أولاً برسمها (أ ب س ) ، ثم بحركاتها ( أَ بُ س ِ ) ثُمَّ ( أبجد ، هوز ، حطي ، كلمن ، سعفص ، قرشت ، ثخذ ، ضظغ ) وتسمى بحروف (أبجد هوز) وبعد تعلمه هذه الحروف بتحريكها يتعلم قراءة القرآن بدءاً بسورة الناس فصاعداً على سبيل التهجي وتسمى هذه الطريقة لدى الاكراد بـ ( الحجياتي ) ـ وهي تقابل معنى تكسير الحروف ـ ، ولا تتجاوز هذه المرحلة (3) سنوات والغاية الاولى هي تحفيظ القرآن الكريم ومعرفة قراءته الصحيحة ، والكتابة والخط وسيلتان إلى ذلك ويكون هذا التحفيظ إمَّا بصورة جماعية بأن يقرأ ثلة من الطلاب آية أو بضع كلمات يكررون ذلك وراء الاستاذ حتى تتقنها السنتهم ، أو يقرأ الطالب منفرداً ويصحح له المعلم ويكرر له ذلك ، لاسيما الكلمات الصعبة حتى يتقن، وتسمى هذه الطريقة الرهوانية .
    المرحلة الثانية :
    مرحلة الـ ( سوخته ) يعني المبتدئ الذي وصل إلى مرحلة لا باس بها وتطلق على ماقبل كتاب جامي ، ويدرس فيها النحو والصرف وعوامل الجرجاني وسعدالله الصغير وشرح المغني ... وقد يتأخر بعض الطلاب في دراستهم لهذه المرحلة عشر سنوات أو اثنتي عشرة سنة لكن الاصل ان يقطعها في 8-9 سنوات .
    المرحلة الثالثة :
    مرحلة المستعد : وأمدها خمس سنوات يقرأ فيها الطالب الالفية بشرح السيوطي وشرح الشافية ( سيد عبدالله ـ الصرف ) مع عصام على الاستعارة ( والمطول ) و ( المختصر ) على تلخيص المعاني والتهذيب للتفتازاني وشرحه الهيئة ( الربع المجيب تشريح الافلاك ) وهي تعده لنيل الإجازة العلمية بعد أن قرأ النحو والوضع والاستعارة مع قراءة كتب أخرى مطولة (2).
    الإجازات الدراسية للطلبة :
    كان الطالب يمنح اجازة دراسية لعدة أيام ولاسيما في الاعياد لغرض الذهاب إلى أهله وحسب حاجته فمقدار الإجازة كان يحددها الطالب بعد أن يستأذن من أستاذه كل حسب حاله فمنهم من يعود سريعاً ومنهم من يتأخر قليلاً في العودة ، وكان بعض الاباء يرفض نزول ولده كل شهر أو شهرين في اجازة بل يريده أن تكون تلك الفترة أطول لكي يعتاد على البعد وطلب العلم .
    الطريقة المتبعة في التدريس:
    هي الطريقة المُلّائية وهي طريقة العلماء المتقدمين فكانوا يهتمون بحفظ المتون بإتقان مع تقليل في الحصة اليومية من الدروس كان الطالب يتلقى درساً أو درسين يومياً وكان لا ينام حتى يكرر درسه الذي أخذه والمواد التي أخذها قبله وبهذه الطريقة يكون العلم في الصدور وليس في السطور وعلاوة على هذا كان الطالب وهو في مرحلة السخته ـ أي المرحلة الاولى ـ يناقش أستاذه في كل قيد من القيود لا سيما في التعاريف ويسأل عن وجوه الاعراب وأسراره ، وإذا وصل إلى مرحلة المستعد كان يطالع درسه اليومي ليلاً بدقة ويفرق بين الموضع الصعب وغيره ليناقش أستاذه بدقة في الصباح ، ولربما كان الاستاذ يستفيد من الطالب في بعض الأحيان لأنه تفتح له آفاق فك العبارة وحل رموزها ، وهذه الطريقة هي خير الطرق لتفهم العلوم بدقة وإتقان.
    حياة الطالب في هذه المدارس :
    كان المجتمع الكردستاني يعيش نوعاً ما فقراً سائداً ومنتشراً في معظم أنحاء العالم الاسلامي ولكن خيوط محبة العلم كانت تتسرب إلى قلوب كثير من رجال وأطفال كردستان ولذلك عُرِفَت بكثرة علمائها واحتضانها لطلبة العلم والإنفاق عليهم فكان الطالب يعتمد اعتماداً كلياً على ما يقدم له في هذه المدارس من صدقات من طعام وكساء ودواء وغيرها ، حيث كان الطلاب من الكتاب ومن المبتدئين يذهبون لجلب الطعام من أهل القرية وعلى سبيل التناوب مع زملائهم فإذا جاءوا به وضعوه في قصعة واحدة وتناولوه جميعاً وربما يكون الطعام في بعض القرى مناوبة بين بيوتها ، اليوم على بيت وفي اليوم الثاني على بيت آخر وهكذا .
    أمَّا الطلاب المستعدون فانه يفرض عليهم عمل آخر هو تدريس الطلاب دون مرحلتهم إذا ما غاب أستاذه أو سافر أو في حال تكليفه من قبل أستاذه بهذه المهمة ، فهو بهذا يتعلم طريقة التدريس وهو كما يسمى اليوم بالتطبيق لأنه يباشر بنفسه التدريس فينتفع بتدريسه هذا بتكرر ما تعلمه بصورة عملية .
    ويبقى الطالب بعيداً عن أهله اشهراً وربما سنوات ، يتلقى العلم في هذه المدارس ولا يعود إلى أهله إلا لأسباب قاهرة تعود إلى وضعه الاسري أو لانقطاعه عن الطلب وكانت تأتيهم الصدقات والزكوات من قبل الأهالي ولاسيما في بعض المناسبات الدينية وفي بعض المدارس ربما كان أحد الموسرين يتكفل بالإنفاق على هذه المدرسة أو تلك بمساعدة الموسرين الآخرين وبعض أبناء القرية والمنطقة .
    المصادر والمراجع :
    (1) ينظر : امارة العمادية ، صديق الدملوجي ، ص 59

    (2) ينظر : الامداد ، اكرم عبدالوهاب ، 6/60-63 ؛ علماء ومدارس اربيل زبير بلال ، ص 14-15












      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين مايو 06, 2024 8:15 pm