(المرأة الصابرة)
كثيرة هي الزيجات التي تظلم فيهل البنات , التي لا تستطيع ان تبدي رأياً في اختيار زوجها , او أن تكون بديلة لأخيها , فتاة في مقتبل عمرها جميلة , تتمتع بقوام جميل وبنية قوية, قام أبوها بتبديلها زوجة لابنة في قرية أُخرى (قريتنا) في بيت مكون من الزوج وأُمه وثلاث من البنات الآتي تحكمن في إدارة المنزل, كانت في هذا البيت كالأسيرة , لاتستطيع أن تأكل إلا بإذن أو تنام إلا بإذن , كانت تلاقي منهنَّ أشدَّ المعاناة والقسوة والغلظة في التعامل أو الاستهانة بكل مشاعرها , كانت تستيقظ مع بزوغ الفجر وتذهب إلى الحقل لتعمل فيه إلى المساء ثم تعود لتقضي كل أعمال المنزل ولا تستطيع النوم إلا بساعة متأخرة ويكون جزاءها بعد كل هذا العناء الضرب والاهانة من قبل الزواج لأنه يسمع ما تتكلم به إخواته ويلبي ما يطلبن منه , فتقوم بحمل بعض ملابسها لتخرج إلى خارج القرية ثم تعود إليه من جديد مخافة أن تلاقي الإهانة من أخيها , أو أن تُطلق زوجة أخيها بجريرتها , لا تجد لها في هذا البيت نصيراً أو مؤازراً سوى العم , تحملت كل ظلم الحموات , قام بهجرها وتركها في غرفة طينية ضيقة تكاد تسقط على رأسها بعد أن سحب منها أبنائها الثلاثة , عانت من الحياة وشظف العيش لا معيل لها فأخذت تعمل في الحقول بأُجرة كي تعتاش منها فتلقى بعض الصدقات من قبل أهل القرية , كانت تُرقي أطفال القرية ونسائها , أخذ الأبناء يكبرون بعيداً عنها , أمام ناظريها , وهي ترقبهم عن كثب , ولكنها لا تستطيع أن تضم أحدهم إلى صدرها , فإذا ما مرض أحدهم هرعت إليه لتحقق من آلامه ومعاناته , وتضمد له جراحه , هي الوحدة القاسية تتقلب في الليل على فراشها وهي تبكي , على ظلم الزوج , وعدم مبالات الأب والأخ وعلى بعد الأبناء عنها , تبيع البيض او عجل لديها لتجمع هذه النقود وتقوم بتخبئتها في سقف الغرفة أو في إحدى الوسائد , فلما كبروا أخذوا يترددون عليها خلسة عن عين عماتهم وأبيهم , فتشتري لهم الملابس في الخفاء , او تعطيهم بعض المبالغ النقدية ولا تعمل لنفسها أكلة لذيذة الا ودعتهم لها, فهي أُم تحبُ أبنائها وكذلك زوجها, ولا ترضى أن يتكلم عليهم أحد أمامها , عانت من الفاقة والعوز والحرمان برغم وجودهم , أين مالها من إرث أبيها ؟ لم تحصل منه على شيء , وفي أحد الايام طلبت إدارة المدرسة من إبنها الأصغر مبلغاً من المال أسوة بأقرانه , لانهم قاموا بإنشاء صف جديد فيها , ولكن أباه رفض إعطاؤه وقال له : دع المدرسة , هرع إلى أُمه لتقوم بإعطائه إياه وحثته على عدم تركها , والتمسك بها ومواصلة دراسته وإنها ستقدم له كل معونة يحتاجها حمل الولد اغراضه وحطّ رحاله عند أُمه , حاول الأب أن يعيده إلى بيته ولكنه رفض وبعد مناشدة منها لبعض الوجهاء للتدخل , رضخ الأب لمطلبها وترك الولد عندها نتيجة ضغط الوجهاء , مرض الابن الاوسط الذي كان يرعى الاغنام لابيه بمرض التايفوائيد , ولم يقم الاب بمعالجته من مرضه هرعت إليه وحملته إلى المستشفى لتلقى العلاج فيه ، وبعد ان شفاه الله منه عاد معها إلى بيتها رفض العودة إلى دار أبيه , وتكرر المشهد من جديد ورضخ الأب لمطلب أهل القرية , قامت بتزويجه من إبنت أخيها, أمّا الابن الأكبر فقام أبيه بطرده بعد أن أكمل دراسته الجامعية , لتقوم بجمع رواتبه له دون أن تأخذ منه شيئاً فزوجته وذهب بعيداً عنها , ليكمل الإبن الأصغر دراسته الجامعية , أخذت زوجة ابنها الأوسط ـ وبنت أخيها ـ تقسو عليها كثيراً وكان قدر هذه المرأة أن يكون الظلم قريناً لها , وكان حياتها لا تستقيم بدونه وبعد ثلاث سنوات من هذا الظلم , قرر أن يعزل معيشته عنها في بيت آخر , جاء إلى البيت ليحمل كل الأمتعة ولم يترك لها شيئاً سوى بعض الملابس القديمة فحمل كل الأجهزة الكهربائية التي اشترتها لها ولأبنائها , حاولت جاهدة أن لا يذهب بعيداً عنها ولكن لا مجيب لها , ثم توسلت به أن يبقي بعض الأثاث لا لنفسها بل لأخيه الأصغر ولكنه رفض ذلك , لأنه ورث الظلم عن أبيه وعماته وجدته وخاله , جلست في البيت تبكي عن حال هذا الولد والابن الأكبر يهدئ من روعها والأصغر يبكي لبكائها ليخرج خارج الدار , شعرت بضيق في صدرها وكأن سقف الغرفة قد أطبق على أرضيها , وشعرت بعطش شديد , عاد الإبن الأوسط ليقوم بنزع الأسلاك الكهربائية من غرفتها , وهي تنظر إليه ارتفع ضغط الدم الذي كانت تعاني منه مع مرض السكري فأخذت تصرخ , عاد إليها الأبناء , قالت أُريد ماءً أشرب فلما سقاها الإبن الأكبر فأخذت روحها إلى بارئها تعالى عاشت هذه المرأة الصابرة التقية مظلومة من قبل الأبناء الذيين ورثوا الظلم عن أبيهم وتناسوا كل الحقوق المفروضة عليهم تجاه أمهم , انكب عليهم الأبناء بالبكاء فأخذوا يبكون عليها بكاءاً شديداً وعلا بكاء النسوة, وبكى عليهم جميع أهل القرية , بعد وفاتها أخذ الإبن الأكبر بإخراج الصدقة عنها , وفي كل عيد يزور قبرها ويبكي عنده , هل هو الإحساس بالذنب ؟ أم هو الشعور بفقده مؤازراً وسنداً وعونًا , وصدراً حنوناً وقلباً رحيماً .
بعد الوفاة هرع الإبن الأوسط والأصغر لنبش الأغراض وتفتيش الوسائد يبحثون عن مالها وذهبها المخبأ فتقاسموه بينهم أخذ الإبن الأكبر مالها ليقدم يوضع كصدقة جارية في إحدى المساجد ,
ماتت أمام ناظريه وفاضت روحها بين يديه وهو يتأمل ما حدث لها قال كيف لي تركتها كل هذه السنوات , كنت أُتابع أبي وعماتي وزوجته ,
- لم تعد تستطيع السير بقامة منتصبة أنحنى ظهرها من العمل وحمل الأثقال على رأسها ، فضلاً عن هموم واحزان ، ملابسها مهلهلة رثة ، شمر ثوبها من الخلف وانطوى والتف عدة لفات لكثرة ما استعمل ,
- قام زوجها بضربها بلبنة طين على رأسها كسر لها جمجمتها وكأنه يريد اعقاتها عن العمل ، فلم تعد تسطتع حمل أيّ شيء على رأسها بعد ذلك ، كان يؤثر عليها في أيام الشتاء الباردة .
- اما ابنت الإبن الظالمة فقد أصابها الله بسرطان في الثدي وأخذت (4) منه .
كثيرة هي الزيجات التي تظلم فيهل البنات , التي لا تستطيع ان تبدي رأياً في اختيار زوجها , او أن تكون بديلة لأخيها , فتاة في مقتبل عمرها جميلة , تتمتع بقوام جميل وبنية قوية, قام أبوها بتبديلها زوجة لابنة في قرية أُخرى (قريتنا) في بيت مكون من الزوج وأُمه وثلاث من البنات الآتي تحكمن في إدارة المنزل, كانت في هذا البيت كالأسيرة , لاتستطيع أن تأكل إلا بإذن أو تنام إلا بإذن , كانت تلاقي منهنَّ أشدَّ المعاناة والقسوة والغلظة في التعامل أو الاستهانة بكل مشاعرها , كانت تستيقظ مع بزوغ الفجر وتذهب إلى الحقل لتعمل فيه إلى المساء ثم تعود لتقضي كل أعمال المنزل ولا تستطيع النوم إلا بساعة متأخرة ويكون جزاءها بعد كل هذا العناء الضرب والاهانة من قبل الزواج لأنه يسمع ما تتكلم به إخواته ويلبي ما يطلبن منه , فتقوم بحمل بعض ملابسها لتخرج إلى خارج القرية ثم تعود إليه من جديد مخافة أن تلاقي الإهانة من أخيها , أو أن تُطلق زوجة أخيها بجريرتها , لا تجد لها في هذا البيت نصيراً أو مؤازراً سوى العم , تحملت كل ظلم الحموات , قام بهجرها وتركها في غرفة طينية ضيقة تكاد تسقط على رأسها بعد أن سحب منها أبنائها الثلاثة , عانت من الحياة وشظف العيش لا معيل لها فأخذت تعمل في الحقول بأُجرة كي تعتاش منها فتلقى بعض الصدقات من قبل أهل القرية , كانت تُرقي أطفال القرية ونسائها , أخذ الأبناء يكبرون بعيداً عنها , أمام ناظريها , وهي ترقبهم عن كثب , ولكنها لا تستطيع أن تضم أحدهم إلى صدرها , فإذا ما مرض أحدهم هرعت إليه لتحقق من آلامه ومعاناته , وتضمد له جراحه , هي الوحدة القاسية تتقلب في الليل على فراشها وهي تبكي , على ظلم الزوج , وعدم مبالات الأب والأخ وعلى بعد الأبناء عنها , تبيع البيض او عجل لديها لتجمع هذه النقود وتقوم بتخبئتها في سقف الغرفة أو في إحدى الوسائد , فلما كبروا أخذوا يترددون عليها خلسة عن عين عماتهم وأبيهم , فتشتري لهم الملابس في الخفاء , او تعطيهم بعض المبالغ النقدية ولا تعمل لنفسها أكلة لذيذة الا ودعتهم لها, فهي أُم تحبُ أبنائها وكذلك زوجها, ولا ترضى أن يتكلم عليهم أحد أمامها , عانت من الفاقة والعوز والحرمان برغم وجودهم , أين مالها من إرث أبيها ؟ لم تحصل منه على شيء , وفي أحد الايام طلبت إدارة المدرسة من إبنها الأصغر مبلغاً من المال أسوة بأقرانه , لانهم قاموا بإنشاء صف جديد فيها , ولكن أباه رفض إعطاؤه وقال له : دع المدرسة , هرع إلى أُمه لتقوم بإعطائه إياه وحثته على عدم تركها , والتمسك بها ومواصلة دراسته وإنها ستقدم له كل معونة يحتاجها حمل الولد اغراضه وحطّ رحاله عند أُمه , حاول الأب أن يعيده إلى بيته ولكنه رفض وبعد مناشدة منها لبعض الوجهاء للتدخل , رضخ الأب لمطلبها وترك الولد عندها نتيجة ضغط الوجهاء , مرض الابن الاوسط الذي كان يرعى الاغنام لابيه بمرض التايفوائيد , ولم يقم الاب بمعالجته من مرضه هرعت إليه وحملته إلى المستشفى لتلقى العلاج فيه ، وبعد ان شفاه الله منه عاد معها إلى بيتها رفض العودة إلى دار أبيه , وتكرر المشهد من جديد ورضخ الأب لمطلب أهل القرية , قامت بتزويجه من إبنت أخيها, أمّا الابن الأكبر فقام أبيه بطرده بعد أن أكمل دراسته الجامعية , لتقوم بجمع رواتبه له دون أن تأخذ منه شيئاً فزوجته وذهب بعيداً عنها , ليكمل الإبن الأصغر دراسته الجامعية , أخذت زوجة ابنها الأوسط ـ وبنت أخيها ـ تقسو عليها كثيراً وكان قدر هذه المرأة أن يكون الظلم قريناً لها , وكان حياتها لا تستقيم بدونه وبعد ثلاث سنوات من هذا الظلم , قرر أن يعزل معيشته عنها في بيت آخر , جاء إلى البيت ليحمل كل الأمتعة ولم يترك لها شيئاً سوى بعض الملابس القديمة فحمل كل الأجهزة الكهربائية التي اشترتها لها ولأبنائها , حاولت جاهدة أن لا يذهب بعيداً عنها ولكن لا مجيب لها , ثم توسلت به أن يبقي بعض الأثاث لا لنفسها بل لأخيه الأصغر ولكنه رفض ذلك , لأنه ورث الظلم عن أبيه وعماته وجدته وخاله , جلست في البيت تبكي عن حال هذا الولد والابن الأكبر يهدئ من روعها والأصغر يبكي لبكائها ليخرج خارج الدار , شعرت بضيق في صدرها وكأن سقف الغرفة قد أطبق على أرضيها , وشعرت بعطش شديد , عاد الإبن الأوسط ليقوم بنزع الأسلاك الكهربائية من غرفتها , وهي تنظر إليه ارتفع ضغط الدم الذي كانت تعاني منه مع مرض السكري فأخذت تصرخ , عاد إليها الأبناء , قالت أُريد ماءً أشرب فلما سقاها الإبن الأكبر فأخذت روحها إلى بارئها تعالى عاشت هذه المرأة الصابرة التقية مظلومة من قبل الأبناء الذيين ورثوا الظلم عن أبيهم وتناسوا كل الحقوق المفروضة عليهم تجاه أمهم , انكب عليهم الأبناء بالبكاء فأخذوا يبكون عليها بكاءاً شديداً وعلا بكاء النسوة, وبكى عليهم جميع أهل القرية , بعد وفاتها أخذ الإبن الأكبر بإخراج الصدقة عنها , وفي كل عيد يزور قبرها ويبكي عنده , هل هو الإحساس بالذنب ؟ أم هو الشعور بفقده مؤازراً وسنداً وعونًا , وصدراً حنوناً وقلباً رحيماً .
بعد الوفاة هرع الإبن الأوسط والأصغر لنبش الأغراض وتفتيش الوسائد يبحثون عن مالها وذهبها المخبأ فتقاسموه بينهم أخذ الإبن الأكبر مالها ليقدم يوضع كصدقة جارية في إحدى المساجد ,
ماتت أمام ناظريه وفاضت روحها بين يديه وهو يتأمل ما حدث لها قال كيف لي تركتها كل هذه السنوات , كنت أُتابع أبي وعماتي وزوجته ,
- لم تعد تستطيع السير بقامة منتصبة أنحنى ظهرها من العمل وحمل الأثقال على رأسها ، فضلاً عن هموم واحزان ، ملابسها مهلهلة رثة ، شمر ثوبها من الخلف وانطوى والتف عدة لفات لكثرة ما استعمل ,
- قام زوجها بضربها بلبنة طين على رأسها كسر لها جمجمتها وكأنه يريد اعقاتها عن العمل ، فلم تعد تسطتع حمل أيّ شيء على رأسها بعد ذلك ، كان يؤثر عليها في أيام الشتاء الباردة .
- اما ابنت الإبن الظالمة فقد أصابها الله بسرطان في الثدي وأخذت (4) منه .