منتدى الحياة الموصلية



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدى الحياة الموصلية

منتدى الحياة الموصلية

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى الحياة الموصلية

منتدى ( ادبي - علمي - ثقافي - رياضي )


    الغربة وانواعها

    جاسم شلال
    جاسم شلال
    مشرف مساعد
    مشرف مساعد


    عدد المساهمات : 392
    نقاط : 1143
    تاريخ التسجيل : 27/09/2010
    العمر : 56

    الغربة  وانواعها  Empty الغربة وانواعها

    مُساهمة من طرف جاسم شلال السبت يوليو 02, 2011 10:14 am

    الغربة

    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى اله وأصحابه أجمعين .
    أما بعد :
    قال عليه الصلاة والسلام : ( بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء ، قيل : ومن الغرباء يارسول الله ، قال: الذين يصلحون إذا فسد الناس ) ( ).
    وقال عليه الصلاة والسلام في حديث آخر :( طوبى الغرباء قالوا : يارسول الله ومن الغرباء قال الذين يزيدون إذا انقص الناس) ( ) . أي يزيدون في العمل إذا انقص الناس العمل للإسلام فهم الغرباء لان ماحولهم يفسد المحيط والبيئة التي يعيش فيه وهؤلاء يصلحون هذه البيئة بالإعمال الصالحة فهم قلة في أناس كثير من المفسدين ، فهم أناس صالحون قليلون في أناس كثيرين من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم .
    غربة المؤمن في أهله وزمانه:
    فهو غريب في دينه لفساد.أديانهم غريب في تمسكه بالسنة لتمسكهم بالبدع غريب في اعتقاده لفساد عقائدهم غريب في صلاته لسوء صلاتهم غريب في طريقه لضلال وفساد طريقهم غريب في نسبته لمخالفة نسبهم غريب في معاشرته لهم لأنه يعاشرهم على مالاتهوى أنفسهم .وبالجملة فهو غريب في أمور دنياه وآخرته لايجد من العامة مساعداً ولامعيناً فهو عالم بين جهال صاحبُ سنة بين أهل بدع داع إلى الله ورسوله بين دعاة إلى الأهواء والبدع آمر بالمعروف ناه عن المنكر بين قوم المعروف لديهم منكر والمنكر معروف ، فهو إنسان صادق بين أناس كذابين أمين بين أناسٍ خونة.
    فهي من علامات الساعة يصدق الكاذب ويكذب الصادق ويؤتمن الخائن ويخون الخائن .
    قال ابن مسعود رضي الله عنه : يأتي على الناس زمان يكون المؤمن فيه أذل من في الأمة ( )، وإنما ذل المؤمن آخر الزمان لغربته بين أهل الفساد من أهل الشبهات والشهوات فكلهم يكرهه ويؤذيه لمخالفته طريقه لطريقتهم ومقصوده لمقصودهم ومباينته لما هم عليه ، قال الحسن : المؤمن في الدنيا كالغريب لايجزع من ذلها ولا ينافس في عزها له شأن وللناس شأن ، الناس منه في راحة وهو من نفسه في تعب( ).
    فالمؤمنون في هذا القسم أقسام : منهم من قلبه معلق بالجنة ، ومنهم من قلبه معلق عند خالقه وهم العارفون .
    قال سيدنا علي رضي الله عنه : العارفون أبدانهم في الدنيا وقلوبهم عند المولى ( ).
    وأهل هذا الشأن هم الغرباء ، وغربتهم أعز الغربة فكيف لايكون المؤمن السائر إلى الله ، وعلى طريق الله غريباً بين هؤلاء الذين اتبعوا أهواءهم وأطاعوا شحهم وأعجب كل منهم برأيه .
    قال الرسول صلى الله عليه وسلم : (مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر حتى إذا رأيتم شحاً مطاعاً وهوىً متبعاً ودنيا مؤثرة وإعجاب كل ذي رأى براية ورأيت أمراً لابد لك به فعليك بخاصة نفسك وإياك وعوامهم فان وراءكم أياماً صبر الصابر فيهن كالقابض على الجمر( ).
    ولهذا جُعل للمسلم الصادق في هذا الوقت إذا تمسك بدينه ـ أجر خمسين من الصحابة ففي سنن أبي داود والترمذي من حديث أبي ثعلبة الخشني قال سالت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية (يا أيها الذين امنوا عليكم أنفسكم ولا يضر كم من ضل إذا اهتديتم )( ). فقال بل ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر حتى إذا رأيت شحاً مطاعاً وهوى متبعاً ودنياه مؤثرة وإعجاب كل ذي رأى برأيه فعليك بخاصة نفسك ودع عنك العوام فان وراءكم أياماً الصبر فيهن مثل قبض على الجمر للعامل فيهن أجر خمسين رجلاً يعملون مثل عمله ، قلت : يارسول الله أجر خمسين منهم ، قال: اجر خمسين منكم )( ). وهذا الأجر العظيم إنما هو لغربته بين الناس ولتمسك بالسنة بين ظلمات أهوائهم وآرائهم .
    فالمؤمن له من الأجر الكبير في هذا الزمن لأنه لا يجد أعواناً له في دعوته كما بينه الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال : إنكم تجدون على الحق أعواناً وهم لايجدون ( ). لذلك نالوا هذا الجزاء العظيم فإذا أمرهم بالمعروف فهنالك تقوم قيامتهم ويبغون له الغوائل وينصبون له الحبائل ، ويجلبون عليه بخيل كبيرهم ورجله .
    عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا رأيت الناس مرجت عهودهم وخفت أماناتهم وكانوا هكذا وشيك بين أصابعه ، قلت : فما تأمرني، فقال: الرم بيتك واملك عليك لسانك وخذ ما تعرف ودع ما تنكر وعليك بأمر الخاصة ودع عنك أمر العامة ) ( ).
    فلماذا هذه التوصية بلزوم البيت لأنه زمن فتنة فالإنسان يفر بدينه من هذه الفتن، قال عليه الصلاة والسلام: ( يوشك أن يكون مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن)( ) . وفي حديث آخر عنه صلى عليه وسلم : ( الغريب هو الذي يفر بدينه )( ). ونحن في عصر كثرت فيه فتن الضراء والسراء وكأنها أيام الصبر التي أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم : أن للعامل فيه أجر خمسين من أصحابه .
    فان تفاهم الأمور فيها وتضاعف ضحايا الفتن في أيامها ولياليها يذكرنا أحاديث الهرج التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بكثرة وقوع القتل فيها في قوله صلى الله عليه وسلم: ( يتقارب الزمان وينقص العمل ويلقى الشح ويكثر الهرج ، قالوا: يارسول الله وما الهرج ، قال: القتل( ) .
    فذهاب البركة في الأوقات ونقصان عمل الطاعات وسلوكيات التمنع عن الخير والتهور في الشر هي من سمات عصور الفتن التي وصفها النبي صلى الله عليه وسلم بـ ( الهرج) ولهذا كان الإقبال على العبادة فيها له خصوصية تختلف عن غيرها .
    فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله : ( العبادة في الهرج كهجرة إليَّ) ( ).
    ففي زمن الفتن يغفل الناس عن الإشغال في العباد ولا يتفزع لها إلا الأفراد الذين لا رغبة لهم في لذَّات الدنيا ، قلوبهم متوجهة نحو مليكهم لا يسكنون إلا لذكره ولا يتقوَّتون إلا بتلاوة اسمه يراعون الظلال بالنهار ، ويحنون لغروب الشمس كما يحن الطير إلى الأوكار ، فإذا جن الليل واختلط الظلام وخلى كل حبيب بحبيبه نصبوا لمحبوبهم أقدامهم وفرشوا له وجوههم وناجوه بكلامهم وتملقوا إليه بإنعامه بين صارخ وباك ، وبين متأوه وشاكٍ وبين قائم وقاعد ، وبين راكع وساجد باعوا لذات الحواس الظاهرة بما ظهر لهم بالبصائر الباطنة .
    روى الترمذي : عنه صلى الله عليه وسلم : (إن الله تعالى خلق الخلق في ظلمة فألقى عليهم من نوره فمن أصابه من ذلك النور يومئذٍ اهتدى ومن أخطأ ضل ) ( ) .
    الغربة عن الأوطان:
    وهذا الغريب موته شهادة ويقاس له في قبره من مدفنه إلى وطنه ويجمع يوم القيامة إلى عيسى بن مريم عليه السلام عن أبي هريرة قال : قال : النبي صلى الله عليه وسلم:(موت الغريب شهادة) ( ).
    وعن عبد الله عمرو قال توفي رجل بالمدينة ممن ولد بالمدينة فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : ليته مات في غير مولده ، فقال رجل: ولم يارسول الله ، فقال : إن الرجل قيس له من مولده إلى منقطع أثره إلى الجنة ( ). وعنه رضي الله عنه قال : وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبر رجل بالمدينة فقال : ياليته لو مات غريباً ، فقيل : وما للغريب يموت بغير أرضه إلا قيس له من تربته إلى مولده في الجنة ( ) .
    وهذه ميسون بنت بحدل الكلبية أم يزيد بن معاوية تزوجها معاوية رضي الله عنه ونقلها من البدو إلى الشام ثم تسرى عليها فضاقت نفسها واستولى عليها الهم وحنت إلى أوطانها فلامها معاوية رضي الله عنه وقال لها : أنت في ملك عظيم وماتعريفن قدره وكنت قبل اليوم في عباءة من صوف فقالت :
    لبيت تخفق الارياح فيه
    أحبُ إليَّ من قصر منيف

    وكلب ينبح الطرّاق عني
    أحبُ إليَّ من قط ألوف

    ولبس عباءة وتقرّ عيني
    أحبُ إليَّ من لبس الشفوف

    وبكر يتبع الاظعان صعب
    أحبُ إليَّ من بغل رفوف

    وخرق من بني عمي نجيب
    أحبُ إليَّ من علج عنيف

    وأصوات الرياح بكل فج
    أحبُ إليَّ من نقر الدفوف

    وأكل كسيرة في كسر بيتي
    أحبُ إليَّ من أكل الرغيف

    خشونة عيشة في البيت أشهى
    إلى نفسي من العيش الطريف

    فما ابغي سوى وطني بديلاً
    وحسبي من وطن شريف

    فطلقها معاوية رضي الله عنه وعادت إلى البادية من جديد فرغم العز والحرير استوحشت نفسها لأنها كانت معتادة على بيئة وجاءت إلى بيئة مغايرة فأحست بالغربة كيف لا وهي بنت آدم عليه السلام.
    روى الإمام احمد في مسنده : فلما أسكن آدم الجنة فاستوحش فينما هم نائم خلقت حواء من ضلعه فلما استيقظ رآها قال : من أنت قالت : حواء ، قال لما خلقت ، قالت : لأكون سكن لك ( ).




    غربة العلماء والأولياء :
    غربة العالم في وسط أناس جهالٍ أو غربة الولي في وسط الفساق فإنهم لايدركون ، ولا يعرفون قيمة هذا الإنسان وذلك لقربة منهم فهم لايرون منه إلا الصفات البشرية من الأكل ، والشرب ، والتعب ، والسهر ، والمرض ، والذهاب إلى الحمام ، فنرى أنَّ أزهد الناس فيه هي الزوجة ، والابن ، والخادم لأنهم يطلعون على صفاته البشرية التي لا يطلع عليه الناس فتعمى قلوبهم عن الأنوار الربانية التي يقذفها الله في قلبه .
    وقال علي رضي الله عنه : لايعرف فضل أهل العلم إلا أهل الفضل ولذلك قيل:
    لاتحقرن عالما وإن خلقت
    أثوابه في عيون رامقيه

    وانظر إليه بعين ذي أدب
    مهذب الرأي في طرائقه

    فالمسك بينا تراه ممتهنا
    بفهر عطاره وساحقه

    سوف تراه في عارضي ملك
    وموضع التاج من مفارقه( )

    وقد قالت العرب في أمثالها : العالم كالكعبة يأتيها البُعداء ، ويزهد فيها القرباء ، وانشد مسيح بن حاتم :



    لا ترى عالما يحل بقومٍ
    فيحلوه غير دار الهوان

    قلما توجد السلامة والصحة
    مجموعتين في إنسان

    فإذا حلتا مكاناً سحيقاً
    فهما في النفوس معشوقتان

    هذه مكة المنيعة بيت الله
    يسعى لحجها الثقلان

    ويرى ازهد البرية في الحج
    لها أهلها لقرب المكان( )


    الغربة بين الأهل والأقرباء :
    وذلك لضيق الحال فالفقر يجعل صاحبه غريباً رغم كونه بين أقربائه وأهله وعشيرته وبين أبناء وطنه فهذا سيدنا علي رضي الله عنه يصف هذا الحال بقوله : المال في الغربة أهل والفقر بين الأهل غربة ، ورحم الله الشاعر حين قال :
    أرى الناس قد مالوا
    إلى من عنده مالُ

    ومن ليس عنده مالُ
    فعنه الناس قد مالوا

    أرى الناس قد ذهبوا
    إلى من عنده ذهبُ

    ومن ليس عنده ذهبُ
    فعنه الناس قد ذهبوا

    هذا في ميزان أهل الدنيا ، أما ميزان الله فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( رب أشعث اغبر ذي طمرين لايؤوبه له لو اقسم على الله لأبره ) ( ).
    لمَّا خرج موسى عليه السلام هارباً من قوم فرعون انتهى إلى مدين على الحال التي ذكر الله وهو وحيد غريب خائف جائع فقال : يارب وحيد مريض غريب ، فقيل له : ياموسى الوحيد من ليس له مثلي أنيس ، والمريض من ليس له مثلي طبيب، والغريب من ليس بيني وبينه معاملة .
    فالمؤمن في هذه الدنيا غريب والرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل ) ( ) ، فالمؤمن لا يرتاح حتى يضع قدمه في الجنة ، فان هذه الدنيا هي دار ابتلاء وامتحان وليست هي دار بقاءٍ وعمران .
    الغربة بسبب اختلاف العقيدة :
    واشد أنواع الغربة هي الغربة بسب اختلاف العقيدة و أي غربة اشد من غربة نوح ، ولوط عليهما السلام إذ أنهما يعيشانها حتى في فراشي الزوجية ، فقد تنكرت الزوجة وجفى القريب وعادى البعيد .. فمن شاركك في العيش هو من يؤذيك ويخرج أسرارك إلى أعدائك ليؤذوك فأصبح القريب عدواً ... وإن شطارك الوسادة فأيُ غربةٍ اشدُ من هذه الغربة .
    وأي غربة اشد من غربة الرسول صلى الله عليه وسلم إذ آذوه قومه وأخرجوه ، فعند خروجه إلى الطائف أغروا به السفهاء وآذوه وعاد عليه الصلاة وسلام إلى مكة وهو يحمل في نفسه ما يحمل ، واستوحش الرسول صلى الله عليه وسلم لهذا الحاضر المرير ، وثابت إلى نفسه ذكريات الأيام التي عاناها مع أهل مكة ، إنه يجرر وراءه سلسلة من المآسي المتلاحقة فهتف ونادى جبار السماوات والأرض ( اللهم إليك أشكو ضعف قوتي ، وقلة حيلتي ، وهواني على الناس ، أنت أرحم الراحمين ، أنت رب المستضعفين وأنت ربي .. إلى من تكلني ؟ إلى بعيد يتجهمني ، أم إلى عدو ملكته أمري ؟ إن لم يكن بك غضب عليَّ فلا أبالي ، غير أن عافيتك هي أوسع لي .. أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات ، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة أن يحل عليَّ غضبك ، أو أن ينزل بي سخطك ، لك العتبى حتى ترضى ، ولا حول ولا قوة إلا بك ..)( ).
    فلم يدخل مكة إلى أن استجار بأحد المشركين وهو المطعم بن عدي، استجار من العم وابن العم استجار من العشيرة ، استجار من الأقرباء قبل البُعداء يالها من غربة .
    فلما أراد الخروج من مكة وقف مخاطباً إياها قائلاً لها : ولله انك لأحب بقاع الأرض إليَّ ولو لا أن قومك أخرجوني ماخرجت .

    غربة الدعاة بين أقوامهم
    إن بعض العامة من الناس يعيبون على الدعاة إلى الله عدم انسجامهم مع مجتمعهم وعدم وجود التقبل لهم من قبل هذا المجتمع ؟
    والجواب على هذا الأمر: إن أسلوب العامة مختلف عن أسلوب الدعاة والطريق كذلك مختلف ، ولقد وصف الشاغر الدعوة هذه الحالة بقوله :
    ولكنهم ركبوا مسلكاً
    يحيد عن الجدد المشرق
    وقد ملك الأمر منهم رجال
    يخالف منطقهم منطقي

    نأوا عن هدى الله في نهجهم
    وساروا وسرت فلم نلقى

    كيف يلتقي منهج الله مع منهج قارون ، وفرعون وهامان ؟ كيف يلتقي المنهج المحمدي مع المناهج التي وضعها البشر ؟
    لذلك وصف الرسول صلى الله عليه وسلم الداعية المسلم بالغريب غرباء وان كان بين الأهل وبين العشيرة لان الهم ليس هماً واحداً فالهم مختلف، والطريق ليس هو الطريق فأصبحوا غرباء :
    قال لي صاحب : أراك غريباً
    بين هذا الأنام دون خليل

    قلت كلا بل الأنام غريب
    أنا في عالمي وهذه سبيلي

    فبعض الناس اليوم قد استراح كما قال الإمام احمد عند ما دخل عليه احد أصحاب العقول المستريحة فقال له : يا أبا عبد الله عليك عيال ولك صبيان وأنت معذور كأنه سيهل عليه الأمر فقال له احمد : إن كان هذا عقلك يا أبا سعيد فقد استرحت ( ).
    فكن مع الدعاة ، وهل الموت إلا في آجال والأرزاق مكتوبة فقد سمع رسول الله صلى عليه وسلم أم حبيبة تدعوا وتقول: اللهم متعني بزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم وبأبي أبي سفيان وأخي معاوية ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : سألت الله بآجال مضروبة وأرزاق مكتوبة فهلا سألني الله أن يمدَّ يدخلك الجنة ويعيذك من عذاب القبر .
    قالوا السعادة في السكون
    وفي الخمول وفي الخمود

    في العيش بين الأهل لا
    عيش المهاجر والطريد

    في لقمة تأتي إليك
    بغير ما جهد جهيد

    في المشي خلف الركب في
    دعه في خطو وئيد

    في أن تقول كما يقال
    فلا اعتراض ولا ردود

    في أن تسير مع القطيع
    وان تقاد ولا تقود

    في أن تصيح لكل والٍ
    عاش عهدكم المجيد

    في أن تعيش كما يراد
    ولا تعيش كما تريد

    هذا حال صنف من الناس ويعيب على كل حر أبي يريد أن يشق طريقه بعزة وحرية دون إملاء عليه من أحد فكان جواب داعية الإسلام لهم :
    قلت الحياة هي التحرك
    لا السكون ولا الهمود

    وهي التفاعل والتطور
    لا التحجر والجحود

    وهي الجهاد وهل يجاهد
    من تعلق بالقعود

    وهي التلذذ بالمتاعب
    لا التلذذ بالرقود

    هي أن تذود عن الحياض
    وأي حرٍ لا يذود

    هي أن تحس بان كأس
    الذل من ماء الصديد

    هي أن تعيش خليفة
    في الأرض شأنك أن تسود

    هي أن تخط مصير نفسك
    في التهام أو النجود

    وتقول لا بحك فيك
    لكل جبار عنيد

    ولكن الدعوة سائرة إلى الله مع هذا التعويق والتثبيط ، لأن أجيالاً كثيرة من أبناء الأمة تلتحق بها في كل يوم :
    أشبالنا كبُروا... ويكبر شوكنا
    من كان يحبو... صار لا يهوى الرقود
    إنا عرفنا كيف نُبدع
    كيف نصنع من جماجمنا الصعود
    برجالنا .. بنسائنا
    يمضي الشهيد مع الشهيد
    عفنا المنابر والوفود
    فاحذروا أن تغضبوا فينا الجراح .
    والحمد لله أولاً وآخراً ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 21, 2024 4:11 am